اليمين المقدس و القسم المطلق

يمنع لاى شخص من الدخول هذا القسم

خليفة إفريقيا - عثمان دان فوديو

وُلِدَ عثمان بن فودي في شمال نيجيريا سنة (1168هـ= 1754م) وكان والده مُعَلِّمَ القرآن والحديث في قريته

درس اللغة العربية وقرأ القرآن وحفظ متون الأحاديث ونشأ نشأة صوفية، حتى سنِّ الشباب عندما سافر إلي مكة للحجِّ مع أبيه

وكان من فضل الله عليه أنه وجد هناك الشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه فقرَّر عثمان بن فودي البقاء لفترة بمكَّة للاستزادة من علم الإمام بن عبد الوهاب وأئمة آخرين وتأثَّر به بشدَّة؛ ذلك لأن بلاده كانت مليئة بالبدع والخرافات والعادات الوثنية بل هو نفسه كان يتديَّن بكثير من تلك البدع بسبب إنتشار الجهل في بلاده

عاد عثمان إلى بلاده في إقليم جوبير في شمال نيجيريا، وفي نيَّتِه نشر الدعوة في بلاده، فأخذ في دعوة أهله وإخوانه إلى محاربة البدع والوثنية، فاستجاب لدعوته كثيرٌ من أبناء بلدته فأسَّس حركة دعويَّة، وأطلق عليها اسم الجماعة.

أخذت دعوته وحركتها المسماة بالجماعة تنتشر بين القبائل الإفريقية وأقبل المسلمون عليه من كل إتجاه; الهاوسا، والطوارق، والكانوري والزنوج، إضافة إلى قبيلته الأصلية الفولاني.

ضاق ملوك إقليم جوبير الوثنيين بنشاط جماعة عثمان بن فودي، وقرَّرُوا اتِّبَاع أسلوب المواجهة المسلَّحة، وأرسل هؤلاء الأمراء يتهدَّدُون الجماعة ويتوعَّدُون زعيمها عثمان بن فودي بأشدّ أنواع الوعيد والتهديد

عندها اجتمع المجدد المجاهد العظيم مع رفاقه واستشارهم في كيفية مواجهة هذه التهديدات، فأشار الجميع وهو أولهم بوجوب إعلان الجهاد؛ وذلك سنة (1218هـ= 1804م)، وبمجرَّد أن أعلن الجهاد على الوثنيين حتى أتاه الكثير من المسلمين من شمال نيجيريا يبغون نصرته، وفي الوقت نفسه جاءت مساعدات كبيرة لأمراء جوبير من باقي إمارات الهاوسا غرب نيجيريا، وانتصر المسلمون على الجماعات الوثنية، وأصبح عثمان بن فودي أميرًا على المنطقة الواقعة في شمال غرب نيجيريا، وبايعه المسلمون هناك أميرًا عليهم، وتلقَّب من يومها بالشيخ، واتخذ من مدينة سوكوتو في أقصى الطرف الشمالي الغربي لنيجيريا مركزًا لدعوته؛ وذلك سنة (1223هـ= 1809م).

قرَّر عثمان بن فودي العمل على إعادة بناء الدولة الإسلامية من جديد، وتوسيع رقعة الإسلام بالجهاد ضدَّ القبائل الوثنية؛ التي اجتمعت على حرب الإسلام ودعوته الجديدة.

ضمّ عثمان الشعوب والقبائل الإسلامية المتناثرة تحت رايته؛ وبدأ بالتمدد في ناحيتي الغرب والجنوب الغربي؛ حيث قبائل «اليورومبا» الكبيرة، وأخذت الدولة الإسلامية في التمدد؛ حتى أصبحت أقوى مملكة إسلامية في إفريقيا وقتها.

الشيخ آدم

وهو شيخ من أهل العلم من أهل الكاميرون، الذي حرَّكت فتوحات عثمان بن فودي حُبَّ الجهاد في قلبه، وبدأ يدعو الناس إليه وإلى نشر الإسلام في القبائل الوثنية، فلمَّا وصلت أخباره إلى الأمير عثمان بن فودي أرسل يستدعيه من الكاميرون سنة (1226هـ= 1811م)، فلمَّا حضر جلس معه وكلَّمه عن مبادئ الحركة وعقيدة السلف، وأقنعه بوجوب الجهاد في سبيل الله لنشر الإسلام في قلب القارة الإفريقية، فلمَّا انشرح صدر الشيخ آدم للفكرة، أعطاه عثمان رايته البيضاء؛ وهي رايته في الجهاد، وكلَّفه بمواصلة الجهاد حتى ينشر الإسلام فيما يلي نهر البنوى جنوبًا؛ وهو فرع كبير من فروع نهر النيجر العظيم، فقام الشيخ آدم بالمهمَّة على أكمل وجه، حتى أدخل بلاد الكاميرون كلها في الإسلام، وكافأه الأمير عثمان بن فودي بأن جعله أميرًا على الكاميرون، وظلَّت الإمارة فيهم حتى احتلال الإنجليز للكاميرون سنة (1319هـ= 1901م).

حمادو باري

كان حمادو أحدَ جنود عثمان بن فودي واسمه حمادو بارى، وقد اشترك في معركة الجهاد الأول ضد أمراء «جوبير» الوثنيين، وبتواصل الجهاد بانت نجابته وظهرت شجاعته وإخلاصه لنشر الدين، فكلَّفه عثمان بفتح بلاد الماسنيا الواقعة في مالي الآن، ونجح حمادو في مهمَّته خير نجاح

فكافأه أميير المؤمنين عثمان بأن أعطاه لقب الشيخ، وجعله أميرًا على منطقة الماسنيا، وأمره بمواصلة الجهاد لنشر الإسلام، ولقد أثبت الأمير حمادو أنه من أنجب وأفضل تلاميذ الإمام عثمان بن فودي؛ فلقد نَظَّم دولته على نسق دولة الخلافة الراشدة؛ حيث قَسَّمها إلى عدَّة ولايات، وأقام على كل ولاية واليًا وقاضيًا ومجلسًا للحُكْم، كهيئة استشارية للحكم الإسلامي على الكتاب والسُّنَّة، وعَمر البلاد فازدهرت دولته بقوَّة، ووصلت إلى بوركينافاسو وسيراليون وغينيا بيساو.

الحاج عمر

كان الحاج عمر، وأصله من قبائل الفولاني عشيرة عثمان بن فودي، وُلِدَ سنة (1212هـ= 1797م)؛ أي إنه كان في أوائل شبابه، والإمام عثمان بن فودي في أواخر حياته، ولكن هذا الشابَّ قُدِّرَ له أن يجتمع مع الإمام؛ وذلك أن الحاج عمر كان محبًّا للدعوة والجهاد، فلمَّا اشتدَّ عودُه قرَّر الرحيل إلى بلد الإمام عثمان ليراه ويسمع منه، وبالفعل ذهب إليه ورآه الإمام عثمان؛ فتفرَّس فيه النجابة والفطنة والشجاعة، فنصحه بأن يذهب إلى حمادو ويلتحق بخدمته، لعلَّه أن يكون خليفة حمادو بعد رحيله في قيادة المملكة الإسلامية هناك، وبالفعل نجح الحاج عمر في أن يلتحق بخدمة حمادو ويخلفه بعد رحيله، وقاد القبائل الإسلامية قيادة عظيمة، وكان جيشه يُقَدَّر بأربعين ألف مقاتل، وحارب الوثنيين والفرنسيين على حدٍّ سواء، وتولَّى أولاده من بعده قيادة المسلمين في هذه المنطقة؛ التي ابتُلِيَتْ بأشرس هجمة صليبية في تاريخ البشرية.

وبالجملة نجح الإمام المجاهد عثمان بن فودي أعظم أمراء إفريقيا في بناء قاعدة عريضة من المجاهدين والقادة والأمراء؛ الذين قادوا الأُمَّة المسلمة في قلب إفريقيا، وأقاموا أعظم الممالك الإسلامية في هذه البقعة الغامضة عن ذهن أبناء المسلمين الآن.

تُوُفِّيَ الإمام المجاهد الأمير عثمان بن فودي سنة (1233هـ= 1818م)، بعد أن أعاد إلى الإسلام مجده، وأبقى للإسلام دولة قوية ظاهرة صامدة أمام هجمات الأعداء، حتى بعد وقوعها فريسة للاحتلال الصليبي بقيت القلوب حيَّة، مجاهدة، تُقاوم الأعداء، تُحافظ على دينها وعزَّتها.

ليست هناك تعليقات :

اعلانات

اعلانات

اعلانات